إدارة التنفيذ والمعسرين
وصلني أكثر من ايميل بعد نشر مقالتي الأسبوع الماضي يطلبون مني الكتابة في موضوع صندوق المعسرين، الناس ناطرة ومترقبة واغلبهم صادر بحقه أوامر ضبط واحضار، ناس لا تخرج خائفة من ضبطهما ونساء ازواجهن بالسجن، والسجناء المعسرين يتوجعون ويصرخون فلا يسمعهم احد ويذرفون الدمع فلا يجدون من يمسحها حتى تصاب هذه العيون بالعمى، يمنون انفسهم بالتحرر من السجن فاذا بالأماني تصبح سرابا يحسبه الظمآن ماء، تتعرض اسرهم للتشرد والضياع على اثر غياب عائلهم في غياهب السجن تزيد عند بعضهم مدد الايام بسبب اعسارهم وعدم قدرتهم على دفع ما عليهم من اموال، الله جل وعلا حث على انظار المعسر وعدم التثريب عليه والتشديد عليه في أداء ما عليه من الدين، فضلاً عن حبسه واذيته بالمن ونحو ذلك اذا كان لا يملك ما يسد به دينه مع رغبته في السداد، قال العلامة ابن كثير رحمه الله في تفسير قوله تعالى »وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون« يأمر تعالى بالصبر على المعسر حتى يوفي دينه، فقال: »وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة« اي لا كما كان اهل الجاهلية يقول احدهم لمدينه اذا حل عليه الدين اما ان تقضي واما ان تربي ثم يندب الى الوضع عنه، ويعد على ذلك الخير والثواب الجزيل فقال »وان تصدقوا خير لكم ان كنتم تعلمون« اي ان تتركوا رأس المال بالكامل وتضعوه عن المدين. لدينا ادارة عامة للتنفيذ المدني في وزارة العدل بها مستشارون وقضاة لهم مني كل الشكر على تسهيلهم على المعسرين بالتقسيط، هؤلاء يعملون على سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، عن ابي قتادة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول »من نَفْسَ عن غريمه او محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة« رواه مسلم واحمد، وقال المناوي، رحمه الله، لان الانحسار من اعظم كرب الدنيا بل هو اعظمها فجوزي من نفس ما قام به حيال المعسرين بتفريج اعظم كرب في الآخرة وهو هول الموقف وشدائده بالازاحة من ذلك ورفعته الى اشرف المقامات ثم قالوا وقد يكون ثواب المندوب اكمل من ثواب الواجب، فيض القدير (303/6 ) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المسجد وهو يقول بيده هكذا فاومأ ابوعبدالرحمن بيده الى الارض »من انظر معسراً أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم« رواه احمد باسناد جيد »الترغيب والترهيب« (1349).
يا له من أجر كبير وعظيم عند الله سبحانه من ساعد أو فرج عن المعسرين والجزاء من جنس العمل، عن عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال »الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الارض يرحمكم اهل السماء« رواه احمد ولا شك ان من الرحمة بالمعسر انظاره فعن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال »كان رجل يداين الناس فكان يقول لفتاه اذا اتيت معسراً فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه« رواه البخاري، وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم »تلقت الملائكة روح رجل ممن كان قبلكم فقالوا أعملت من الخير شيئاً قال لا قالوا تذكر قال كنت اداين الناس فآمر فتياني ان ينظروا المعسر يتجوزوا عن الموسر قال: قال الله عز وجل تجاوزوا عنه« رواه البخاري، فمن شكر الله تعالى على نعمة انظار عباده المعسرين وألا يضطروهم الى الاحتفاء والكذب وخلف المواعيد فعن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة »اللهم اني اعوذ بك من عذاب القبر واعوذ بك من فتنة المسيح الدجال واعوذ بك من فتنة المحيا والممات اللهم اني اعوذ بك من المأثم والمغرم« قالت: قال له قائل ما اكثر ما تستعيذ من المغرم يا رسول الله قال ان الرجل اذا غرم حدث فكذب ووعد فاخلف« رواه البخاري. يا سادة يا كرام في الختام اتقدم لوالدي سمو الشيخ ناصر المحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء وليسمح لي بان اطلب منه اقرار صندوق المعسرين وهذا الصندوق سينقذ آلاف الأسر والكويت دائماً تمد يدها للخير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق